17/08/2024
العلوم الإنسانية، كالفلسفة وعلم النفس والأدب والتاريخ واللغات، تلعب دورًا حيويًا في تشكيل الإنسان وتنمية شخصيته. فهي لا تقتصر على نقل المعلومات والمعرفة، بل تتعدى ذلك إلى:
• تأصيل وتعميق مفهوم الهوية لدى الإنسان الذي يعتز بدينه وأمته ووطنه.
• تطوير التفكير النقدي: تحفز العلوم الإنسانية الطلاب على طرح الأسئلة، وتحليل المعلومات، وتقييم الأفكار المختلفة، مما يعزز قدرتهم على التفكير بشكل مستقل.
• صقل المهارات اللغوية والتعبيرية: تساعد على توسيع المفردات، وتحسين القدرة على التعبير عن الأفكار بوضوح وإقناع، مما يعزز التواصل الفعال.
• فهم الذات والآخر: تساهم في فهم النفس البشرية، وتقدير التنوع الثقافي، وبناء علاقات اجتماعية صحية.
• تكوين القيم والأخلاق: تساعد على تكوين قيم أخلاقية راسخة، وتنمية الحس الإنساني والتعاطف مع الآخرين.
• توسيع آفاق المعرفة: تفتح آفاقًا جديدة للمعرفة، وتساهم في فهم العالم من حولنا بشكل أعمق.
لهذا من الخطأ التقليل من شأن العلوم الإنسانية لصالح العلوم التطبيقية أو علوم الأعمال. فكلا النوعين من العلوم مكملان لبعضهما البعض، وكل منهما يخدم غرضًا مختلفًا.
العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية: العلوم التطبيقية تركز على تطبيق المعرفة لحل مشكلات محددة، بينما تهتم العلوم الإنسانية بفهم الإنسان والعالم بشكل أوسع. إن الجمع بينهما يوفر للفرد رؤية متكاملة للحياة، ويؤهله للتعامل مع التحديات المعاصرة بفعالية.
ومن المؤكد أن الاستمرار فى مسلسل التقليل من شأن العلوم الإنسانية قد يؤدى إلى:
• تخرج أجيال تفتقر إلى التفكير النقدي والإبداع: فالتركيز الزائد على العلوم التطبيقية قد يؤدي إلى تخرج أجيال قادرة على تطبيق المعرفة، ولكنها تفتقر إلى القدرة على التفكير بشكل مستقل وحل المشكلات المعقدة.
• ضعف المهارات التواصلية والاجتماعية: قد يؤدي إلى ضعف المهارات اللغوية والتعبيرية، مما يعوق التواصل الفعال وبناء العلاقات.
• فقدان الهوية الثقافية: قد يؤدي إلى فقدان الارتباط بالثقافة والتراث، وبالتالي فقدان جزء من الهوية.
وانطلاقا من الوعي بكل ما سبق نحن بحاجة إلى إعادة الاعتبار للعلوم الإنسانية، وإدراك أهميتها في بناء الإنسان والمجتمع. يجب أن نعمل على تحقيق التوازن بين العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية، وأن نؤمن بأن كليهما ضروريان لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأخيرًا أوجه النداء إلى كل من يشارك في دعاوى التقليل من شأن العلوم الانسانية، أدعوكم جميعًا إلى إعادة التفكير في قيمة العلوم الإنسانية، ودعم جهود تطويرها وتعزيز مكانتها في العملية التعليمية. فبذلك نساهم في بناء أجيال واعية ومثقفة وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل، وعلينا أن ندرك دومًا ما يلي:
• لا يمكن أن يكون هناك تقدم حقيقي دون فهم عميق للإنسان وتاريخه.
• العلوم الإنسانية هي التي تجعلنا بشرًا، والعلوم التطبيقية هي التي تساعدنا على العيش في هذا العالم.
• وكما قلت في البداية إن العلوم الإنسانية هي روح المعرفة، والعلوم التطبيقية هي جسدها.